الأحد، 23 أغسطس 2009

فتاة الحاوية

مقالة رائعة للدكتور الرائع ميسرة طاهر أستاذ الصحة النفسية بجامعة الملك عبد العزيز

لا يملك أحدنا بعدها إلا أن يذهب إلى ابنته ليحتضنها ويقبل ما بين عينيها وقد اغرورقت عيناه دمعًا وامتلأ قلبه شكرًا وحمدًا لربه داعيًا الله سبحانه وتعالى أن يرزقه بر ابنته وأن يعينه على الرفق بها وحسن تربيتها ففي الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم-: (( مَن عَالَ جاريتين -أي: بنتين-، حتى تَبلُغا؛ جاء يوم القيامة أنا وهو - وضَمَّ أصابعَه - )) -عليه الصلاة والسلام - رواه مسلم وقال - صلى الله عليه وسلم -: (( مَن ابْتُلِيَ مِنْ هذه البناتِ بشيءٍ، فأحسنَ إليهنَّ؛ كُنَّ له سترًا مِنَ النار )) متفق عليه

والآن أترككم مع مقالة الدكتور ميسرة طاهر :

فتاة الحاوية

حين وَلِدت زوجته مولوده الأول تمنى قبل أن تلد أن يكون المولود ذكرا ولكنه قَبِل بتلك البنت على مضض ومنى نفسه أن يكون مولوده الثاني ذكرا، ولكن سرعان ما مرت الأيام وإذا بمشهد الأمس يتكرر اليوم فهوبانتظار أن يأتي أحد ويبشره أن زوجته قد جاءت بولد ذكر، وكان خبر المولود الأنثى قد جعل وجهه يسود وهو كظيم وبعدها بدأت تشعر زوجته أن مجيء البنت الثانية صب الزيت على النار وزادت الأمور سوءا بينها وبين زوجها، وبينها وبين أهله، وبدأت التلميحات تتحول إلى تصريحات ومفادها إن جئت ببنت ثالثة سأتزوجتواترتالخلافات وزادت حدتها، وحملت وكانت الطامة تلك البنت الجديدة التي سبقت ولادتهاتهديدات جديدة من الأب بأنه سيضعها عند حاوية القمامة إن كانت بنتا…!!!وفعلا بر بوعده وحملها في ليلة ظلماء ووضعها عند حاوية القمامة، وأمها لا تزال لا تقوى على الحركة، وعاد وشرر الغضب يتطاير من عينيه، عاد ليبحث عن مكان هادىء في منزله يؤويهوغفت عينيه وبقيت عيون الأم مفتحة، وقلبهايكاد يخرج من مكانه كلما سمعت عواء الكلاب الذي يصاحبه بكاء طفلتها الملقاة بجوارالحاوية… تماسكت وتحاملت على نفسها وخرجت بعد أن اطمأنت أنه قد نام ، وخرجت مهرولة والتقطتها لتضمها إلى صدرها وأغرقتها بدموعها وعادت بها إلى فراشها في اليوم التالي سمعت ما كانت تتوقعه منه: اسمعي يا بنت الناس أناأريد ولدا وأنت لم تستطيعي أن تأتيني به انتبهي قد حذرتك مرارا دون جدوى أناسأتزوج وفعلا تزوج وبعد فترة حملت زوجته الجديدة وجاءه الولد الذكر… وبعد أشهر قليلة توفيت ابنته الكبرى، ثم حملت زوجته الجديدة وولدت وجاءه الولد الثاني… وتوفيت ابنته الوسطى بعد ولادة أخيها ، ثم حملت مرة أخرى وولدت ما أكمل عدد الأولاد إلى ثلاثة ، وبقيت فقط من زوجته الأولي تلك البنت … (بنت الحاوية( .كبر الأولاد الثلاثة وصاروا شبابا، وكبرت بنت الحاوية… وأذاق الأولاد أباهم كل صنوف العقوق التي عرفها الناس والتي لميعرفوها… وبقي له من دنياه بعد وفاة زوجته الأولى تلك الفتاة التي حملتها يداه يوما لتضعها بجوار حاوية القمامة والتي أنقذتها يدا أمها رحمها الله من بين أنياب الكلاب الجائعةوكبر الرجل وضعف وعقه أولاده ورموه ولكن ليس عند حاوية القمامة… وحملته تلك الأيدي الضعيفة لبنت الحاوية وأتت به إلى دارها ترعاه بعد أن تخلى عنه من ظن يوما أنهم سيرعونهآوته من نبذها يوما ونبذه من كان يتصور أنهم سيؤونه ويرأفون بحالهعقه من سعى جاهدا ليراهم… وبرته من رماها كارها لها فقط لأنها بنت…!!!بقي أن أقول أعزائي القراء إن بعض أبطال هذه القصة لا يزالون أحياء يرزقون…؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق