الأربعاء، 23 سبتمبر 2009

المدينة في العهد الأموي

تم نقل جميع المعلومات هنا من موقع مركز المدينة للبحوث والدراسات وذلك لكونه مرجعًا في كل ما يخص المدينة من دراسات ولتطمين الزائر الكريم بصحة المعلومة التي يقرؤها ، فجزى الله القائمين عليه خير الجزاء .

المدينة والأمويون (( 41 ـ 132 هـ ))
عاش أهل المدينة في العهد الأموي مراحل متوالية من الاستقرار والاضطراب فكانت لهم سنوات طمأنينة وسكينة تنتعش فيها الجوانب العلمية والاقتصادية، ويصبح هم الناس الاستفادة من أخبار الصحابة والتابعين وحلقات العلم في المسجد النبوي، والعمل في مزارعهم وتجارتهم والاستفادة من دخلهم المتنامي في بناء بيوت أو قصور جديدة وتحسين ظروف معيشتهم . ثم تفاجئهم فترة أخرى تشتعل فيها فتنة، أو يهددهم جيش قادم من جهة ما، أو يعين عليهم أمير لا يحسن معاملتهم، وتضطرب أحوال الناس في المدينة خلالها، وتتأثر أعمالهم في مزارعهم وتجارتهم، وتظهر آثارها في تراجع دخلهم وضيقهم بالحال، إلى أن يأتي الله بالفرج فتنتهي الفتنة أو يخرج الجيش الغازي أو يعزل الأمير القاسي.


المرحلة الأولى من العهد الأموي (( 41 ـ 64 هـ ))       
بدأ العهد الأموي في المدينة سنة 41هـ عندما ألف الله بين المسلمين، فتنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية، وأخذ معاوية البيعة من أهل المدينة وانتقل مركز الخلافة إلى دمشق وأصبحت المدينة إمارة أموية، وعاد إليها أهلها الذين تركوها أيام الحرب بين علي ومعاوية وسكنت النفوس. وزار معاوية المدينة ووزع الأعطيات على وجوه أهلها يتألفهم بها وأحسن إلى الهاشميين وعين مروان بن الحكم أميراً عليها، فقد اهتم مروان بأمورها ومرافقها وأجرى فيها العين الزرقاء لسقاية أهلها وبعض بساتينها وانتعشت الزراعة والتجارة، وظل معاوية حريصاً على تألف وجوه أهل المدينة بالعطاء وخاصة الهاشميين. وفي عام 49هـ عزل مروان وتولى سعيد بن العاص واستمرت ولايته خمس سنوات استمر فيها الهدوء والأمن، فقد كان لين الجانب للناس، ولما بدأ معاوية بأخذ البيعة ليزيد ليكون الخليفة من بعده غضب مروان بن الحكم، فاسترضاه معاوية وأعاده إلى إمارة المدينة سنة 54هـ، ووعده أن يكون ولي عهد يزيد، وبدأ مروان يأخذ البيعة ليزيد وجاء معاوية للمدينة واستطاع بدهائه أن يأخذها من أهل مكة والمدينة خاصة المعارضين له: الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر، ولكن معاوية  أوقف الأعطيات عن المدينة واشتد مروان قليلاً على الناس وأنشأ مزارع لحسابه وحساب معاوية فضاق الناس به فعزله معاوية ثانية وولى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان.وعندما توفي معاوية سنة 60هـ انتهت مرحلة من الاستقرار والطمأنينة استطاع خلالها الخليفة أن يجمع شمل المسلمين ويوجه جهودهم إلى الفتوحات الإسلامية وبدأت مرحلة من الاضطرابات فقد بايع أهل المدينة ليزيد إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وقلة معهم خرجوا إلى مكة مهددين بالانشقاق ولم يستطع أمير المدينة الوليد بن عتبة أخذ البيعة منهم فغضب عليه يزيد وعزله، وعين عمرو بن سعيد الأشدق، وكان شديداً فجعل على شرطته عمرو بن الزبير الذي قسا على كل من ظن أنه يميل للحسين بن علي أو أخيه عبد الله بن الزبير، وعذب الكثيرين ثم خرج على رأس جيش من (700) رجل لقتال أخيه عبد الله في مكة فكانت نهايته واقتص منه عبد الله لما فعله بأهل المدينة، فعزل يزيد (الأشدق) وأعاد الوليد بن عتبة ثانية.
وجاءت الأخبار إلى المدينة باستشهاد الحسين بن علي وكل رجاله في كربلاء فضج أهل المدينة بالبكاء على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقم بعضهم على الأمويين وأصبحوا مهيئين لخلع طاعتهم، وعزل يزيد أمير المدينة (الوليد بن عتبة) الذي لم يحسن التعامل مع ابن الزبير في مكة وولى عثمان بن محمد بن أبي سفيان وكان ليناً لا يعرف شيئاً عن شؤون الإمارة، وانتشرت الشائعات حول الخليفة يزيد تتهمه بالفسق وشرب الخمر واللهو بالصيد، ولم يتحقق أهل المدينة من صحة تلك الشائعات. ووقعت حادثة دفعت بعض أهل المدينة إلى خلع طاعة الأمويين فقد كانت في المدينة ضائقة لقلة الغلال وتأخر القوافل وحاول الموكل على مزارع معاوية في المدينة أن يخرج الغلال منها ويرسلها إلى الشام فمنعه بعضهم وطلب الموكل بالمزارع حمايته من الأمير فأرسل إليه بعض شرطة الإمارة فاصطدم الناس بهم وطردوهم جميعاً وأعلنوا خلع الطاعة للأمويين وطردوا الأمير عثمان وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل وعبد الله بن مطيع. وبدأت الفتنة تشتد وأحس العقلاء بخطأ الاندفاع وراءها ورفضوا المشاركة فيها وفي مقدمتهم علي بن الحسين  زين العابدين وعبد الله بن عمر ووافق هذه الثورة في المدينة اشتعال ثورة عبد الله بن الزبير في مكة فاشتد الأمر على يزيد وخشي أن تتمزق أوصال الدولة الإسلامية إذا بقي أهل الحرمين ثائرين عليه فأرسل النعمان بن بشير يفاوض أهل المدينة على العودة للطاعة مع عهد الأمان والعطاء وما يريدونه وفشلت المفاوضات فأرسل يزيد جيشاً لإخماد الفتنة في المدينة ومكة بقيادة مسلم بن عقبة 63هـ فيه حوالي 12 ألف مقاتل وتفاقمت الأمور في المدينة عندما بلغهم  الخبر وطرد الثائرون جميع الأمويين المقيمين فيها وأخذوا في تحصين المدينة والإعداد لمعركة لايعلم مداها إلا الله وأعيد حفر الخندق. وصل الجيش في 25 من ذي الحجة 63هـ وطلب من أهل المدينة العودة للطاعة باذلاً الأمان والعطاء، وأمهلهم ثلاثة أيام ولكن دون جدوى، فاشتعلت المعركة واقتحم الجيش المدينة من الحرة الشرقية، وقتل قادة الثائرين وأعداداً كبيرة من أبناء المهاجرين والأنصار ونهب الجنود المدينة ثلاثة أيام وأذل مسلم بن عقبة الكثيرين منهم وطلب منهم بيعة ذليلة وقتل من تردد في إعطائها، وهكذا قاست المدينة أفظع موقعة دموية في تاريخها سميت موقعة الحرة خسرت فيها المئات من أبنائها واستبيحت أموالها وأذل الكثيرون من أهلها.حاول يزيد أن يمسح جراح وقعة الحرة فأرسل الأعطيات والطعام لجميع أهل المدينة، وتولى روح بن زنباع إمارتها ولكن وفاة يزيد لم تتح المجال لمزيد من الإصلاح فقد عادت جيوشه إلى الشام، وأعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة في مكة وبايعه أهل المدينة فبدأت مرحلة جديدة في حياتها السياسية، وتولى إمارتها أخوه عبيد الله بن الزبير وتولى مروان الخلافة تسعة أشهر ثم مات دون إحكام قبضته على الحجاز، والذي سعى لإعادة المدينة بقيادة حبيش بن دلجة.
المدينة في خلافة ابن الزبير(( 64 ـ 72 هـ ))
عاشت المدينة ثماني سنوات تابعة لعبد الله بن الزبير الذي أعلن نفسه خليفة في مكة، وتبعته بعض الأمصار الإسلامية، وكاد أن يستقر له الأمر لولا انتزعه عبد الملك بن مروان.وخلال هذه المدة تولى إمارة المدينة عدد من أنصار عبد الله بن الزبير، وحدثت معارك بينهم وبين أنصار الأمويين خارج المدينة وانسحب بعضهم منها لبعض الوقت ودخلها جيش الأمويين وانسحب منها أيضاً، لذلك فإن لاستقرار السياسي في هذه الفترة لم يكن كاملاً. وبالمقابل فإن أهل المدينة لم يصبهم عنف الصراع وجراحاته، ولكن أصابهم الضيق من الصراع الدائر حولهم من دفع الخراج والنفقات لهذا الطرف حيناً ولذلك الطرف حيناً آخر، وحرمانهم من العطاءات واضطراب التجارة بسبب الفتن.وقد تولى إمارة المدينة خلال هذه الفترة كل من عبيد الله بن الزبير شقيق عبد الله بن الزبير وفي عهده جاء الجيش الأموي إلى المدينة بقيادة حبيش بن دلجة ولم يكن فيها جيش قادر على مواجهته فانسحب عبيد الله برجاله وأنقذ المدينة من صراع دام فدخلها ابن دلجة ولم يحسن معاملة أهلها، ثم خرج مطارداً من جيش ابن الزبير الذي جاء من مكة، وحاصر الجيش المدينة فقتل وشتت أصحاب ابن دلجة. ثم تولى مصعب بن الزبير إمارة المدينة، فأحسن إلى أهلها، وخفف عنهم الخراج وتزوج سكينة بنت الحسين، ومالبث أن ترك المدينة وتوجه إلى العراق للقضاء على فتنة المختار الثقفي، وتولى عبد الرحمن بن الأشعث الإمارة وكان شديداً وخشي أن ينقض أهل المدينة البيعة، فأخذها منهم بشيء من القسوة، وضرب التابعي الجليل سعيد بن المسيب لأنه رفض المبايعة، وعلم ابن الزبير بذلك فعزله وولى جابر بن الأسود بن عوف، الذي أحسن إلى الناس ولكن سياسة ابن الزبير لم تنجح في شد أهل المدينة إليه فقلة موارده الاقتصادية، وتورعه في توزيع أموال بيت المال على الناس وحاجة جيوشه إلى المال لمواجهة جيوش عبد الملك بن مروان جعلت أمراءه لايوزعون الأعطيات، وعلى العكس من ذلك يستوفون الخراج، وصادف عهده جفاف وقحط، لذلك تضايق الكثيرون، ومالبثت خلافته أن ضعفت باستيلاء جيوش عبد الملك على العراق وقتل أخيه مصعب ثم زحف إلى الجزيرة العربية وأحس ابن الزبير فغير بعض أمرائه، وعزل جابر بن الأسود عن المدينة وولى طلحة بن عبد الله بن عوف فكان آخر أمرائه عليها، وما لبث أن جاء جيش الأمويين بقيادة طارق بن عمرو مولى عثمان بن عفان قديماً، ولم يكن لدى طلحة جيش قادر على المقاومة فانسحب من المدينة برجاله ودخلها طارق سلماً، وكان كريماً في معاملته مع أهلها، وتولى إمارتها، فدخلت المدينة سلطة المروانيين من بني أمية.
المدينة في المرحلة الثانية من العهد الأموي ((70 ـ 132 هـ ))
امتد هذا العهد ستة عقود وانتهى بنهاية الدولة الأموية عام 132هـ، وتميز بالاستقرار والطمأنينة، توالى فيها أمراء؛ بعضهم لين الجانب يحسن معاملة أهل المدينة ويكرمهم، وبعضهم يشتد عليهم، وبخاصة على الهاشميين من أحفاد الحسن والحسين، و الزبيريين من أحفاد عبد الله بن الزبير، خشية ثورتهم أو تأليب الناس على الأمويين، لكن المدينة التي آلمتها وقعة الحرة من قبل، وأزعجها فترة الصراع بين ابن الزبير والأمويين لم تعد تعبأ بأمور السياسة والحكم، واشتغل معظم الناس فيها بالعلم والزراعة والتجارة، واستغرقتهم أمور حياتهم اليومية، وغالباً ما كان الأمراء الذين يشتدون عليها يعزلون ويعاقبون أو ينتهون نهاية سيئة.
بدأت الفترة هذه بإمارة طارق بن عمرو سنتين هادئتين، ثم عين الحجاج أميراً على الحجاز واتخذ مقره في المدينة، فقاسى أهلها عامين كاملين من شدته، وقد آذى بعض الصحابة أمثال أنس بن مالك، وسهل بن سعد، وجابر بن عبد الله، بحجة أنهم لم ينصروا الخليفة عثمان أيام الفتنة، ولم تحظ المدينة بأي عطاء أو أموال من عائدات الفتوح، وانحصر العطاء فيمن يقصد الخليفة في الشام وكانوا قلة، ونقل الحجاج عام 75هـ، إلى العراق ليواجه الخوارج وتولى إمارة المدينة يحيى بن الحكم عم الخليفة عبد الملك ثم أبان بن عثمان بن عفان الذي تولى الإمارة خمس سنوات، واهتم بالحركة العلمية وكان من العلماء فهو أول من ألف في السيرة النبوية، ونعمت المدينة بالاستقرار والرخاء. ثم تلاه هشام بن إسماعيل، وكان شديداً تأذى منه الهاشميون، والتابعي الجليل سعيد بن المسيب.. وعاشت المدينة أزهى فترات العهد الأموي في إمارة عمر بن عبد العزيز 86 - 93هـ فقد عمها العدل والرخاء، وتضاعفت مجالس
العلم لاهتمام عمر بالعلماء وتقديمهم وجعلهم مستشارين؛ وفي عهده كان تجديد المسجد النبوي بأمر الخليفة الوليد بن عبد الملك واستغرق البناء ثلاث سنوات وكان غاية الإتقان والإبداع وعندما تم حضر الخليفة إلى المدينة وأعجب بالبناء ووزع الأعطيات على أهل المدينة وشيئاً من غنائم الفتوحات وأشركهم في الفتوحات الإسلامية فتدفقت الأموال وراجت التجارة وظلت المدينة واحة العدل والأمان حتى قصدها أهل العراق هرباً من بطش الحجاج وغيره، ولكن الحجاج اشتكى من ذلك وحذر الخليفة من المعارضين في المدينة فأراد الوليد أن يأخذ البيعة لابنه فغضب عمر بن عبد العزيز واعتزل الإمارة، وتولى الإمارة بعده عثمان بن حيان فأخذ الناس بالشدة وطرد اللاجئين إليها من العراق وراقب الداخلين والخارجين على يد الحجاج، ومرت سنوات ثلاث قاسية على أهل المدينة بعدها تولى الخلافة سليمان 96هـ فعزله وعاقبه على قسوته وعين محمد بن حزم فعادت السيرة العمرية من جديد في إمارته وظل والياً عليها طوال خلافة عمر بن عبد العزيز وتحسنت أحوال المدينة وعم الأمن والرخاء. ولما توفي عمر بن عبد العزيز وتولى الخلافة يزيد بن عبد الملك عزل محمد بن حزم وولى عبدالرحمن بن الضحاك الذي أساء إلى أهل المدينة واستمرت إمارته ثلاث سنوات وظلم وقهر بعض الناس وأخيراً أساء إلى فاطمة بنت الحسين، وبلغ ذلك الخليفة فعزله وأوقفه ليقتص المظلومون منه وعاش بقية عمره ذليلاً فقيراً، وتولى عبد الواحد بن عبد الله النضري سنة 104هـ فأحسن إلى أهل المدينة ثم تولى مكانه إبراهيم بن هشام المخزومي سنة 105هـ الذي أساء إلى آل الزبير فشكوه للخليفة حينما قدم للحج فرفع الظلم عنهم وجند أربعة آلاف من أهل المدينة في الفتوحات الإسلامية فعادوا بالغنائم الوفيرة ولكن إبراهيم بن هشام بدأ يستثمر أمواله وبنى في مكان السوق دكاكين ومحلات يؤجرها للتجار  فاغتاظ أهل المدينة منه ومالبث أن اشتد على آل الزبير وجلد يحيى بن عروة بن الزبير لأنه هجاه ببعض الشعر ومات يحيى بعد الجلد وبلغ ذلك الخليفة، فعزله وولى مكانه خالد بن عبدالملك بن الحارث، وفي عهده عانت المدينة من القحط حتى سميت فترة إمارته ( سنيات خالد ). وفي عام 108هـ ألحقت المدينة بإمارة مكة وكان أميرها محمد بن هشام المخزومي وامتدت إمارته سبع سنوات إلى نهاية خلافة هشام بن عبد الملك وعامل الهاشميين بالإحسان بناءً على أوامر الخليفة.وفي سنة 122هـ استمال شيعة العراق زيد بن علي بن الحسين وحرضوه على الثورة ضد الأمويين ووعدوه بالنصرة فسافر لقدره وخذلوه كما خذلوا أسلافه من قبل فقتل وأرسل رأسه إلى المدينة لتكون إرهاباً لمن تسول له نفسه الخروج على الخليفة ومات هشام بن عبد الملك سنة 125هـ وتولى الخلافة الوليد بن يزيد وعزل محمد بن هشام وهدم أهل المدينة السوق الذي بناه إبراهيم المخزومي، وتولى يوسف بن محمد الثقفي الإمارة في سنة 125هـ ثم عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز سنة 126هـ وعاشت المدينة في عهده أياماً تذكر بها عهد عمر بن عبد العزيز حتى عام 129هـ حيث استدعاه الخليفة مروان بن محمد وعين مكانه عبد الواحد بن سليمان النضري وعلى إثر توليه الإمارة شهدت المدينة حدثاً عاصفاً هو مواجهة فرقة من الخوارج بقيادة أبي حمزة الخارجي، فقد داهم أبو حمزة الناس في عرفة في موسم 129هـ وكان أمير المدينة فيها، فصانعه حتى أفاض من عرفة وسارع إلى المدينة وجهز جيشاً من أهلها على عجل وأرسله لمواجهة الخوارج ولم يكن لهذا الجيش خبرة ولا قدرة على مواجهة الخوارج، وكمن لهم الخوارج عند وادي قديد على بعد 100كم من مكة فقتلوا عدداً كبيراً منهم وفر الباقون ووصل الخوارج بعدها إلى المدينة وهرب أميرها فدخلوها دون حرب، ومكثوا فيها ثلاثة أشهر، حاولوا استمالة أهل المدينة إليهم، ولكن أهل المدينة نفروا منهم لانحرافاتهم العقدية، وأرسل الخليفة مروان بن محمد جيشاً لقتالهم فخرجوا لملاقاته وتغلب عليهم الجيش الأموي وقتل معظمهم وحفظ الله المدينة وأهلها من شرورهم. وتولى الوليد بن عروة إمارة المدينة شهوراً قصيرة ثم تلاه أخوه يوسف بن عروة وكان آخر أمير أموي على المدينة فقد استولى العباسيون على الخلافة عام 132هـ، وأرسلوا قواتهم  لتخلص الأمصار من ولاة الأمويين فترك يوسف بن عروة المدينة ليدخلها العباسيون، ولكن قبل ذلك شهدت المدينة حدثاً صغيراً سيكون له أثر كبير عليها في العهد العباسي، وهو البيعة السرية لمحمد بن عبد الله بن الحسن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق